Writing on the wall: Social Media - The First 2000 years













اسم الكتاب: Writing on the wall: Social Media - The First 2000 years
المؤلف: توم ستاندج
عدد الصفحات: 288
سنة النشر: 2013



"History Retweets Itself”



الشبكات الإجتماعية غدت في تناول نسبة كبيرة جدا من مستخدمي الإنترنت الذين باتوا يعبرون فيها عن آرائهم وينشرون تفاصيل حياتهم وأصبحت وسيلة للتواصل مع الآخرين وحلت محل الإتصال المباشر في كثير من الأحيان.


يحاول الكاتب بأن يعود لألفي سنة إلى الوراء (إلى جذور الشبكات الإجتماعية) ويحلل أسباب نشوئها وتفسير اندفاعنا إلى إستخدامها. وكذلك  يناقش عدة أسئلة حول مسؤوليتنا في الشبكات الإجتماعية وكيف يجب على أصحاب السلطة أن يتعاملوا تجاه ما ينالهم من انتقادات تأتي من مستخدمي هذه الشبكات؟ وهل الشبكات الإتجتماعية فعلا تؤدي إلى إحلال نظام ديمقراطي حر وتساعد في إنجاح الثورات أم أنها تعطي مستخدميها شعورا كاذبا في الإنجاز يمنعهم من القيام بأعمال أخرى مفيدة؟ وهل الإستخدام المستمر للشبكات الإجتماعية يعد في نفسه عملا لا إجتماعي Antisocial  يؤثر سلبا على علاقاتنا الإنسانية خارجها؟ وهل هي مجرد موضة عابرة يمكننا تجاهلها؟


تبادل ونشر المعلومات داخل المجتمع الإنساني القديم سواء مع الآخرين أو عنهم Gossip (الثرثرة\لنميمة\الإشاعات)  كان له دورا في المحافظة على مكانتهم الإجتماعية داخل هذه المجموعة. فمن خلالها يمكن للفرد أن يرسل رسائل تعبر عن  خبراته ومدى موثوقيته وجدارته بأن يكون حليفا أو قرينا مناسبا. وعندما بدأ الإنسان في الكتابة تمكن من تكبير دائرته الإجتماعية وإرسال هذه المعلومات إلى أشخاص لا يتواجدون معه في نفس المكان أو الزمان. وعندما جائت الإنترنت جعلت هذه العملية أكثر إتقانا وسهولة.


الإنترنت لم تأتِ من فراغ, هي مجرد حلقة في سلسلة من التقنيات التي سبقتها, وهي أحدثهم. ويمكننا تتبع أصول الشبكات الإجتماعية الحالية بالعودة إلى نشأة الثرثرة والتي ظهرت تبعا للغة البشرية (قبل مئة ألف سنة) ثم الكتابة والتي ترجع أصولها إلى خمس آلاف سنة. وهذه الثلاثة, الثرثرة واللغة اوالكتابة, هي المبادئ الأولية الثلاثة لمشاركة المعلومات في الشبكات الإجتماعية عبر العصور.


هذا الطغيان الكبير لهذه الشبكات يجعلنا نتسائل مرارا عن فوائدها, أو في كثير من الأحيان سلبياتها, وكيف أنها أثرت على علاقاتنا مع من هم في محيطنا, وقد ينظر لها بنفس النظرة التي وجدت في المجتمع اليوناني القديم اتجاه الكتابة, حيث كان سقراط يشدد على أهمية نقل المعرفة شفهيا لأن من خلال الكتابة سيفتقد الناس إلى القدرة على التذكر وهذا يعود بنا إلى ما يحدث الآن مع ما فعلته الإنترنت بنا حيث باعتمادنا عليها لم نعد بحاجة لتذكر الكثير من الامور ما دام يمكننا دائما الدخول إلى محرك البحث قوقل والعثور على ما نريد.


كان للرومان في القرن الأول قبل الميلاد جريدة رسمية تسمى Acta Diurna تغطي أخبارا كثيرة من السياسة إلى الأمور الإجتماعية وكانت تطبع منها نسخة واحدة فقط ويقوم قرائها بعملية نسخها ونشرها كل يوم. وعلى حوائط المدينة العديد من الكتابات أو ما يعرف بالغرافيتي Graffiti وقد تحتوي على رسائل سياسة تدعم مرشحا في الإنتخابات, وبعضها يحمل دلالات ساخرة أو إباحية, وأخرى لها طابع شخصي جدا شبيهة بالكتابات المعاصرة لما يعرف بتحديث الحالة Status Update في الشبكات الإجتماعية, وهناك بعض الغرافيتي التي تحتوي على نصائح أو حكم أو أقوال شهيرة, وبعضها وُجد بشكل متكرر على عدة حوائط, وهناك رسائل كتبت لأشخاص محددين بالإسم, وهذه عينة لما يمكن للسائر في الطرقات أن يراه على الحوائط:


  • صاغة الذهب يجمعون على ترشيح غايوس كسبيوس بانسا كمسؤول للبلدة"
  • نكحت العديد من النساء هنا"
  • في نوتشيرا, ربحت 8552 دينار من خلال اللعب, لعب نظيف"
  • في 19 أبريل, صنعت خبزا".
  • لا يكون المرء باسلا حتى يحب"
  • "يا لوسيوس إستاسيدوس, من لا يدعوني على العشاء أعده شخصا غريبا"
  • "من فيرغولا إلى صديقها تيرتيوس: أنت مقرف"


وبعض الأحيان هذه العبارات ينتج عنها ردود وتعليقات, فقد قام شقيقان بكتابة رسالة على حائط منزل صديق مشترك ليأتي بعد فترة الأخ الآخر ويترك رده تحتها.



ينقل لنا القرن السادس العشر قصة نجد فيها الحضور الطاغي لسلطة مشاركة المعلومات الفردية وقوتها. بطلها هو مارتن لوثر الذي كانت له عدة اعتراضات على الكنيسة انتهت بالإنشقاق عنها وظهور المذهب البروتستانتي, طرحها بعد أن سبقه أشخاص آخرون لم ينتهوا بإعتراضهم على الكنيسة كما انتهى الحال مع لوثر, لحسن استغلاله لأحدث تقنيات وسائل الإعلام الجديدة التي ابتكرت قبل نصف قرن تقريبا من نشر اعتراضاته على الكنيسة وهي تقنية طباعة الكتب.


لم يستطع لوثر أن يتقبل فكرة بيع صكوك الغفران من الكنيسة, فوضع قائمة من ٩٥ أطروحة وطلب من البابا مناقشتها, ومما جاء فيها تساؤله للبابا عن سبب عدم إفراغه للأعراف من كل من فيها إن كان بإستطاعته ذلك؟ وتسائل إن كان من اللائق للبابا أن يستخدم أموال الفقراء التي دفعت لصكوك الغفران في بناء كنائس فخمة إلى حد الإسراف؟  وقام لوثر بلصق هذه القائمة على باب إحدى الكنائس طالبا المناظرة حولها. ويمكننا مقارنة هذا الفعل بما يعرف في تويتر اليوم بالهاش تاق, فحصل تبادل للآراء سواء من مؤيدين البابا أو مؤيدين لوثر وقام العديد من الناس بنسخ وتوزيع هذه الردود, وكانت مؤلفات لوثر حينها هي الأكثر انتشارا. فتم ترجمة القائمة من اللغة اللاتينية التي يستخدما الأكاديميون ورجال الدين إلى اللغة الألمانية المستخدمة من قبل العامة, وكان انتشارها سريعا جدا ففي ١٤ يوم فقط انتشرت في ألمانيا وخلال ٤ أسابيع  وصلت لكل أرجاء أوروبا.


في السنوات القليلة الماضية سمعنا الكثير عن دور الشبكات الإجتماعية في إنجاح الربيع العربي, ففي تونس بعدما أحرق محمد البوعزيزي جسده إعتراضا على سحب الشرطة للعربة التي يبيع عليها, ولحق ذلك تعتيم إعلامي داخل تونس, فتداول الناس صوره من خلال الشبكات الإجتماعية والتي كانت مصدرا للكثير من وسائل الإعلام العربية والعالمية, مما ساهم في نشر تفاصيلها حتى لخارج تونس. ثم حجبت الشبكات الإجتماعية مما أعطى رسالة للمتاظهرين بأنهم هم الجانب الأقوى وأن السلطة خائفة, مما أدى لنتائج لم تكن مقصودة, وخلال أيام قليلة هرب رئيس تونس زين العابدين بن علي بعد ٢٣ سنة  في منصبه.
بعد ذلك بأيام قليلة, اتفق العديد من الشباب المصري على النزول للتظاهر بعد سلسلة من حوادث التعذيب التي تحدث في أقسام الشرطة, ومحاولات توريث جمال مبارك للحكم خلفا لأبيه. كانت البداية مجرد مظاهرة عادية كأي مظاهرة سابقة, وليس ثورة, ولكن الذي اختلف هذه المرة هو عدد الذين استجابوا, وأما من لم ينزل فقد كان يتابع ما يحدث من خلال الفيس بوك وتويتر, فكان يتم تصوير ونشر كل ما يحدث على أرض الواقع. هذه الاحتجاجات كانت موجودة سابقا ولسنوات عديدة, ولكن الذي فعلته الشبكات الإجتماعية أنها جعلتها تنتشر لكل مكان في مصر, وربطت المحتجين مع بعضهم, فكل ما يحدث يعرف لحظة بلحظة. في مصر قامت الحكومة أيضا بقطع الإنترنت وحجب مواقع التواصل الإجتماعي, مما أظهر خوفها من تأثيرها, والحجب هنا جاء أيضا بنتيجة عكسية, لأن عددا كبيرا من المصريين يتابعون الأحداث من داخل بيوتهم وأمام شاشات التلفاز - حزب الكنبة - نزلوا إلى الشوارع بعد أن توقف مصادر الأخبار. وبعد أيام قليلة أعلن عن تنحي الرئيس محمد حسني مبارك بعد ٣٠ سنة في منصبه.